سأحبك اليوم.. وغدا سأكبر

سأحبك اليوم.. وغدا سأكبر

"س" أو "ص"

أحبك.. لعلها المرة الأخيرة التي أقولها لك..

غداً، سأكبرُ مرة أخرى..

بما يكفي.. لأن أطال الصور المعلقة..

أقتلع المسامير… وأعيد طلاء الجدار..

أسلمك البراويز..

أقول عليك السلام، وأخرج..

كتيفاً..

غير آسفٍ على شيئ

أضع يدّي في جيبي..

وأقول للشمس..

أن تغرب..

لم أعد أخشى الظلام..

**

كيف حالك، أحبك، اشتقت إليك، وداعاً، أفتقدك جداً، تذكرني، عليك السلام.. وداعاً…

**

من أين أبدأ..؟

فأنا لم أعد أحبك..

قل لي،

وكيف..؟

وقد أحيط بثمري..

وأصبحت أقلب كفيّ..

“أَهوي من العُمقِ..

لو حَطَّتْ على كَتِفي

فراشةٌ

تَعِبَتْ..!

من طولِ تحويمِ..”

“ولو أنَّ مابيَ من جوىً وصبابةٍ..

على جملٍ لن يدخل النار كافرُ”

“أيقلتك البرد؟

أنا يقتلني نِصفُ الدفئ..

وَنِصفُ المَوقِفِ اكثر..”

“أركض من وجعي..

فى ليالٍ يوسّعها الخوف.. مما أخاف”

“يامن بحبّكَ كانَ.. الصمتُ منتصراً

‏كلُّ المذاهبِ فيكَ اليومَ واحدةٌ

‏هنا ملائكتي،

هنا شياطيني..

بعثرْتَني..

ورياحُ الفقْد.. تذريني

‏أشعلتني لهباً، صيّرتني شُهباً

‏سطّرتني شَغفاً، نَزْفي شراييني

‏أضعتَ بوصلتي، أتلفتَ مركبتي

كأنّني الشعر.. والأوجاعُ قافيتي

‏أو حرقةٌ ذاقَها قلبٌ فلسطيني”

” إني اليقينُ الذي أركانُهُ انْهَدَمَتْ “

هل هذه.. هي ليلتي في عُكبَرَا؟

“‏أوّاهُ منك..

فإنَّ الصمتَ يُرديني” 

” ‏أستعملُ الصبر

والكتمانُ في جسدي

يوماً يعارضُني، يوماً يقاضيني”

” ولو اِنْ مابيْ يِصِـيبْ طويق وهْضــابه

كان أصبحْ الضلع والقاع متســاوي

ولو اِنّْ مابي  يصـيب اخْشــوم حطابهّ

كان اصبَحَتْ عَثّعَثٍ..يرعى بها الشاوي”

“هذا أوان البوح” .. “في موسم المد.. جزرٌ جديد”

” اليوم أوقنُ.. أن هذا القلبَ مثقوبٌ، ومجروحٌ، ومهزومٌ..

وأن الصبر كَلْ”

” هذا أوان البوح..

يا كل الجراح تبرجي

ودعي البكاءَ يجيبُ كيفَ.. وما.. وهل..”

” أنا قد تعبتُ ولم يعد في القلب.. ما يكفي الجراح”

“أنا لم اعد أقوى،

وموعدنا الذي قد كان راح..

فاردد إليّ بضاعتي..

بغيُ انصرافك لم يزل..

يدمي جبين تكبري..

زيفاً

يجرعني المرارة والنواح”

هذي..

“هذي بقايا الذكرياتِ يضُمها

قلبٌ من الأشواق زاد سعيرا”

**

تدري؟

**

مضى على الفُرقى.. تقريباً.. سنة.. وشيء..

مذ خانت الأحداثُ الحكاية..

مُذ أُلقِيَ يوسف..

في غيابة الجب..

وأكله الذئب..!!

**

كَنِتَ السِّقَاءُ فلا

“سيّارةٌ.. تأتي..

وتدلي دلوها”..!!

الذئبْ،

بطلُ الحكايةِ، والقميصْ..

شَطَفَ الدماءَ،

وقُدَّ من قُبُلٍ..! و دُنِّس مرتين..!!

الحلمُ لم يعبرْ..

 وماتَ عزيزُ مصرْ..!!

فالسُنْبُلات أكلنها.. سبعٌ شداد..

والغيثُ مصلوباً..

تأكل الطير من رأسه..

مذ “ياأبانا مالك..”

حتى “ياأبانا استغفر”..

لم يبق” يابُشرى” و لا “عِبرة”..

تكسرت الرماحْ..

والسجنُ أولى..

من مفاتيح الخزانة..

“ُياأيها العزيز”

إنَّا..

لم نعد نراك من المحسنين..!!

واسأل القرية التي كنا فيها.. والعير

**

تُزْعِجكَ المحاولات؟

وتزعجك البوصلة؟

التي تشيرُ إلى اللقاء..

دائماً..

كأنه الشمال..!!

هل لايزال قلبك مثلما أعرفه؟ لم أعد أعرف عنك شيئاً هذه الأيام..! هل مازلت تدخن؟ هل نسيتني تمام النسيان مثلما أظن؟ أم لازلت تحتفظ بقطعة ذكرى.. في مكان ما؟

هل مازلت تقضي أغلب الوقت.. بين سناب شات، وببجي؟ هل مازال مقاس أحذيتك ٣٧ أم أنك كبرت قليلاً بعدي..؟ هل مازلت تسرع في القيادة؟ أتمنى أنك لم تعد تفعل..؛ أخبرني.. هل مازالت ملابسك الجديدة تمر على الخياط في كل مرة؟ لم أعرف مقاساً يناسبك منذ التقينا.. لابد أن يتدخل الخياط في كل مرة..

أتمنى ألا تكون الحياة قد قست عليك أنت أيضاً.. و أتمنى أن تكون بخير..؛ لقد حدث الكثير في الأشهر الماضية.. لم يأتِ عامٌ.. فيه يُغاثُ الناس، وتغيرت أشياء كثيرة.. لعل أهمها.

 هو قلبي.. وقلبك..

**

لم أشعر بمثل هذا الحزن..

ْمنذُ أن ماتت مَي..

**

لقد كانت الأصوات في رأسي.. كثيرة..

ولم يكن للغرفةِ قبل هذا الغد.. نافذة مطلة..

تتداخل الأصوات..

وترتطم بالجدار.. حريتي..

كلما صدها الاسمنت..

 سقطت عن الجدر.. صورة..

أو ارتبك إطار

أو تدحرجت من على الرف.. أباجورة..

أو نجمةً معلقةً.. أَفَلَتْ في مكانها..

أو غادرت علبة؛ أوصندوق..

وكل ذلك..

كلما ضَرَبَتِ الحريةُ عرض الحائط

رَسَمَ في الأرض شيئ

**

كنت أحب ذلك الجدار.. والله..

وأقدسه جداً..

“كتُربةِ القدسِ..

كالأقصى لزائرِهِ”

وكنت ممتناً كفاية..

لتلك الملاحظات الملصقة..

والتواريخ المحفورة..

والورود المجففة..

المرصوفة بإتقان..

المعلقة في الهواء..

وعلى أديم الجدار..

والأرفف..

والنقوش..

والزخارف..

والشمعدانات المتزنة والمائلة..

وكل شيئ..

كنت أخاف على كل شيئ..

جداً..

حتى ولو حطت على شيءٍ نحلة.. أخاف..!

**

تلك الرقوش..

وتلك الأنتيكات..

وتلك التماثيل التي تشبهنا جداً.. حد التتاؤم..

والعلب..

والصناديق المُقَفَّلة..

والورق..

وحقائب السفر..

وادعاءات الفقد..

والمرض..

والوعود..

والأيام..

والضحكات

والشتائم..

الصادقة منها..

والكاذبة

والدعاء الخفي..

والهدايا..

والأناشيد..

والوصايا..

و كل تلك الدُّوَل..

والإيثار..

والوشائج..

وغُمَارة تقلباتها..

وما وَشَّجْنا مَحَامِلها..

حتى صار كُلّ الصيد في جوف الفَرَا..

وبلغنا من الأُلفةِ.. أن تَشْرَب.. فأُروى!!

ومن الخلطةِ.. أن تضحك.. فأُشفى..

**

ثم خُولِطت في عقلها الأيام..

حتى انقسمنا..

.. تجزأت

و ضِعنا..

وصار من الممكن..

إحداث شرخ في الجدار..!!

وأصبحت ُ كما يقول درويش..

“لأني أحبك.. فإن خاصرتي..

نارفة”

منذ 2019

وخاصرتي نارفة..

“أنامُ كمن ينام.. على سكةِ حديدٍ باردة”

كنت “إذا رأيتُك..

شقَّ القلبُ غُربتَهُ

‏وراحَ يتلو على خدّيكَ توطيني”

“أنا ما تركت لمقبل الأيام شيئاً

إذ ظننتك آخر التطواف

في الدنيا..

فسرحت المراكب كلها

وقصصت عن قلبي الجناح.. “

 لم أنتبه.. إلا متأخراً

” أنّ القُلُوبَ لهنّ حظٌّ في الكَرَى”

” وموعدنا الذي قد كان راح”

” أنا لم أعد أقوى”

” فاردد إليّ بضاعتي..

فأنا تركت أحبتي، ولديك أحبابٌ وبيت

وأنا هجرت مدينتي واليك -يا بعضي- أتيت

وأنا اعتزلت الناس والدنيا

فما أنفقت لي من أجل أن نبقى؟

وماذا قد جنيت ؟؟

وأنا وهبتك مهجتي جهراً

فهل سراً.. نويت ؟؟

” آه كم أخشى غدي هذا..”

“ألا ترى كيفَ في عينيكَ تأبيني؟ “

“ما أنتَ للكَلِفِ المَشُوقِ، بصَاحِبِ”

فاذهَبْ على مَهَلٍ،

فَليسَ بِذاهِبِ..”

**

لم يكن هناك مايستحق..

أن نقلق لأجله تلك الأيام..

وكُنَّا نَرَى النَّاس.. غَادِينَ رَائِحِينَ..

بينما نحن نقول.. ماقاله الهادي آدم:

“قد يكون الغيب حلواً .. إنما الحاضر أحلى”

كنا نعيش فقط.. لِذَاتِ اللحظة..

حتى عندما لم نكن سعداء..

لم يكن أحدٌ منا.. يريد أن يغادر..!!

كنا نسميه حباً..

وكنت أرجوا وآمل

– أدعوا كثيراً –

أن يستمر هذا وهكذا.. إلى الأبد..

أن نموت معاً..

كلما آثر الموتَ واحدٌ منا..

“حتّى يَرُوحَ مُتَارِكاً كَمُعَارِكٍ

بجَميعِهِ، وَمُسالِماً كمُحارِبِ”

وأن نحيا معاً..

كلما هَبَّتْ

للحياةِ..

ريحُ فرصة..

لم أحسب حساباً..

أنَّ “في العمر..

منعطفٌ

يكون قرارهُ..

‏” للقلبِ يُهزمُ منطقاً وضميرا..”

إلا عندما “أَعطَيتَ سائِلَكَ المُحَسَّدَ سُؤلَهُ

وَطَلَبتَ بِالمَعروفِ غَيرَ الطالِبِ..!!”

والآنَ نبكي، ونضحكُ، لاحزناً ولافرحاً..

كعاشقٍ، خط سطراً، في الهوى، ومحا..!!

“لَم يَبقَ شيءٌ.. سِوى صَمتٍ يُسامِرُنا

وَطَيف ذِكرَى.. يَزورُ القلبَ أحيانا”..

“نعانق ما كان، ولا نقشعرُ

عندما نعرف أنه الماضي،

تلك الجثة الأمينة”..

**

لم ننتبه.. لكننا غبنا..!

**

كنت أعودُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ..

إلى الجدار..

أقف على كل فتق..

أعلق فيه رسمة..

أواريه بلوحة

أدس به تميمة..

أو رسالة..

أرسم عشباً..

أضع قلوباً.. لها غمازات..

ألصق نجوماً.. و تِرْتِر.. ولماع..

أزرع في الثُلمة.. رتيمة..

للذكرى..

وأسد الثقوب..

وألون الفراغات..

أصلح ماأفسد الدهر..

أُزَبرِجُ السيماء..

بالزرع والورد..

وبالألوان..

أَرتِق، وينفتق..

ينفتقُ، وأرتِق..

أقول اليوم.. وتسقط وردة أخرى..

أقول غداً.. هذي الصوادع تنثني..

أقول غداً أخرى، وتلتئم الشقوق..

من الحياء وقلَّةِ الحيلة كأنني كافكا إذ يقول :

” يشبه أن تقف..

في منتصف غرفة..

لا يُسمح لك بالإستنادِ على شيء..!!”

من الحياء..

ومن قلَّةِ الحيلة

**

هذه الأنصاف

لم تعد تدري.. كيف تكتمل..!!

منذ أدركنا، أو أدركت وحدي

أن الحُبَّ لِوَحدِه..

ليس كافياً..

لأن تكون كل الأشياء بخير..

وأنّ بناء نُصب تذكاري

كما يقول فرانز كافكا في التاسع من مارس..

لا يتطلب هذا القدر من الجهد والقوة””

وأن الإنسان..

يتخطى بالفهم..

ليس بالنسيان..

ويتجاوز بالقوة..

ليس بالرغبة..

ولذلك.. كما تقول ندى ناصر

” لن أقاوم انسلالك

المقاومة تزيد من عمر الألم..”

**

سادراً في الغي..

ذلك اليوم..

أكاد من فرط الهُيام

أن أتجشأ الغصة..

ولا تغادر..!!

شاجياً بالهم..

تقتلعني من جذوري.. لو أردت..

من فرط اليباس..

أقول على غفلتينا..

“تُرى..

كيف تكون النهاية ؟ “

**

“أإلى هُنا..

وسينتَهي ما عشتُه؟

كالحُلمِ جئتَ بلحظةٍ.. وتركتني

هل هكذا

كانت نهايةُ قصتي..؟

أني أضيعُ..

وأنت من ضيّعتني..”

**

لقد كنت مؤمناً جداً..

وكان إيماني.. ثابتاً كالردم..

أنه عندما يحين الوقت.. سأكون مستعداً..

لكنَّ الأمر.. لم يكن كذلك

أن يتوقف الطفل..

كحرف إذا..!

ليكبر.. فجأة..

لِيَطَالَ الجانب المقابل..

 من الجدار..

حيث ماكان يخشاه..!!

أن يكسر اللُّعب..

منفرداً ضعيفا..

حَمَلَهُ على ألا يصدق نفسه..

أنه لايزال قصيرا..!!

لم تكن للأمر.. علاقةٌ بالجاهزية..

أو الاستعداد.. مثلما كنت أحسب..

لقد جاء سكتة..

متعلقاً بالوقت..

وبالطفل..

أن يُكَبِّره هندامَه..!!

وأن يستقدم الأشياء..!!

إلى طرف النقيض..

يستبق الحقيقة..

كمن وضع إصبعه تواً.. على الأمر..

أنه لم يكن قلبك.. على المحك

كان قلبي..

لم يكن عمرك..

كان عمري..

**

ياسيدي..

“ماكذب الفؤاد مارآى”..

ومن بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَة..

فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا

**

لقد آن للطفل.. وتَوَجَّب عليه الآن..

أن يكف قدميه..

عن التَّوَقُّل..

من فوق الجدار..

ألا يراقب المرج..

ألا يختلسَ وألا يزرع..

أن يقف بعيداً..

هذه المرة..

أن يُلقيَ عصاه..

منبسط الأسارير..

وأن يفوت

حثيثاً، ظريفاً، طيب النفس..

يعدو على رؤوس أصابعه..

يتلو سعيداً

نشيد الانسحاب :

“معاركنا انتهت.. أفلا تراني..

رميت مهندي.. وكسرت رمحي..”

يرتلها في حبور..

وهو يغادر البستان،

أخيراً..

يخلل منه أصابعه.. من نقل الغراس..

“زاهداً فيما سيأتي..

ناسياً ماقد مضى..”

سَفَرُ الصُبحِ منه..

على طرف الثُّمام..

**

لم يعد للأمر.. قيمة

ولو كنتَ المطر..

لوليتُ صوب الشمس..

كما يستجدي المجوسي

شمس النهار..

إني أخيراً..

“على جنح السفر”

“فَما أُبالي أَطارَ اللَّومُ أَم وَقَعا”

“لم يبق عندي مايبتزه الألم “

” ولاأستطيع أن أعود..

ثمن هذا الطريق.. كان روحي”

**

لقد كان جداراً جميلاً والله..

نتوقعُ أن يكون مزاراً..

تقام فيه شعائر الخارجين عن الحب والقانون

من بعدما عَظَّمناه..

كنت أحب كل ما بيننا

كلَّ ما أعيشهُ معك أنتَ تحديداً..

أنك في أيامي، بتلك الكثرة..،

وأن وجهكْ، ملجأي القريب..!

من كل شوائب الحياة..؛

وأنكَ كُلَّ شيءٍ لي..

وأتفهمُ.. وأحبْ..

أنك أقربهم قلباً إليّ..

رغماً عن الجغرافيا..

وعن قطع الأرض..

وعن مساحات الطين واليباس..؛

وأحبهُ جداً..

أحبهْ..

إلهي العزيز..

حين أرسلك إلى طريقي..

كضوءٍ عفيف..

يختلس أربطة الظلام..

هويناً هويناً..

كمن يستلُّ الشَعْرَة..من وسط العجين..

خوفاً، أن يفتق الوهَى، بين الليل والغيم..!!

فالغرق واضحٌ كفاية..

إلى هذا الحد..

ياطوق نجاتي..

وياأجمل قَشَّةْ..

مرت على تاريخ الغرق..

**

يقول فان ديزل عن وفاة صديقه..

“في بعض الأحيان.. عندما تخسر أحداً ما

تصبح عاطفياً جداً.. تجاه ماقدموه لك”

ويقول نيتشه:

“لسنا صادقين تماماً.. إلا في أحلامنا”

ويبدوا جلياً لي الآن..

أن الأشياء.. التي تنشغل بها عن الواقع

تظهر لك لاحقاً.. على شكل أحلام.. يقينية..!!

لقد كان الأمر..

في مخيلتي..

أكثر منه في الواقع..!!

وكنت أعلمُ

أننا يوماً..

سننته..

ونحسم الأمر

ونعبر بعضنا..

غير آبهين لشيئ..

من ضرب الخيالات..!!

أنت لاتذكر..

وأنا لاأنتبه..

**

ينبثق الوعي-أحياناً-..

من رحم فكرة رفض الواقع..

أعتقد أني قرأت في مكان ما..

أنه يأتي أولاً.. على هيئة سؤال

لكنني ربما..

لم اشأ.. أن أصدق..

وحسب..

حتى جاء الصيف..

وكلانا ضيع اللبن..!!

ماكل هذه الحرائق؟

هل نحن في فرن؟

هل قُدَّ قلبَك من حجر؟

هل أنت مُعتقَل..؟

عليك الله..

“ألم نَكُن بيت شعرٍ في بدايتنا

كيف انفتقنا..

وصِرنا الآنَ شَطرين..؟”

**

لقد كانت الأيام.. تمضي..

على قيد المحبة..

لكن الدروب الحقيقية – كما يقول كافكا –

“‏ تمتدّ على طول حبل مشدود.. لا في الفضاء، بل على مستوى الأرض.. ويبدو مقدّرًا أن نتعثّر بها،

لا أن نجتازها..! “

**

هل كنتَ مثلي

تشك -أحياناً- وتسأل..؟

أنه لم يعد في العمر..

 متسعٌ.. لنزهر..!

هل جئت مرة..

تبحث عن سبب وحيد..

لكي تحب.. مرة أخرى..؟ ولم تجد..

أن تمر عليك ليلة.. كأنها العمر…؟

هل وقفت على الباب..

آسٍ،

لكن تذكرت..

أنه لم يعد في الدارِ أحباب

وأن الأسى.. أساك وحدك..

وأن وصلك.. ليس إلا كالأثر

الذي يتركه الإبهام على شاشة الجوال..

ودون أن تطرق الباب..

غرست السيف.. في زندك..

وخلعت كتفيك..

“يا طارق الباب، رفقاً حين تطرقهُ

 فإنه لم يعد في الدار أصحابُ

تفرقوا في دروبِ الأرض وانتثروا

 كأنه لم يكن انسٌ واحبـابُ

ارحم يديك فما في الدار من أحدٍ

 لا ترج رداً.. فأهل الود.. قد راحوا

ولترحم الدار .. لا توقظ مواجعها

للدور روحٌ .. كما للناس أرواحُ “

هل تمر بصاحبك القديم.. وتصافحه..؟

أم مثلي..

فقدت يديك.. ؟

أن يصبح كل شيئٍ.. عاديّ..

أن تميز وجهه.. ولا يتعرف عليه قلبك

أن تجد نفسك.. “كالسيجارة الأخيرة..

في علبة التبغ..

مثلما يقول كافكا

“لا يخلصك من وحدتك..

سوى المحرقة..”

” أن تدع كل شيئ يحدث لك

مثلما يقول راينر ماريا..

جميلاً كان أو مريعاً..

كل ماعليك..

هو الاستمرار

بالحركة..

فقط..

لا شعور يدوم..”

أن تغلق دائرة الطمأنينة.. على نفسك..

لا تأخذ شيئاً على محمل اليقين ..

تنفض الريشة.. من على رأس أحدهم..

وترسله سعيداً..

إلى موكب الغُداة الآفلين..

تعطيه ظهرك.. وتقول بلهجة العراقي الحزين :

“گبل لا تِطْعَنِّي اُوگف لي بگفاي..

وشوف جرحك، بَعْدهْ لُو بَطَّلْ نَزِفْ..؟

هذا جرحك،

هذا جرحك،

ذاك لا..

ذاك مو حرجك.. لأن كِلِّشْ خفيف”..

وعلى أن تلومه على إفلات يدك..

تفضل أن تقول لقلبك..

ماقاله النواب، مظفر.. لقلبه:

“أدري بيك تريد تبچي..

إبچي وحدك.. آنِي ساكت..”

 ثم تتوارى..

غير مكترث لشيء..

تجلس في آخر العمر..

متكئاً على وحدتك..

شارداً في لاأحد..

تتعجب من هشاشة الأسباب..

تغني..

“إنما الناس سطورٌ..

كُتِبَتْ..

لكن بماء..”

**

هل سبق وأن طلبت من أحدهم..

أن يعلمك..

كيف أن تقتله.. وأنت تشير إلى صدرك..” هنا”..

أن يكف عن اللعب..

في مساحتك الآمنة..

أن يخمد النار..

حُبًّا بالله..

أن يتوقف عن إيذائك..

من حيث تستبعد الأذى.. كل البعد..

أن يخفض لك..

جناح الوداد من الرحمة..

يعز عليك..

أن ترا قلبك الصغير..

موضع تسلية..!!

وأن تراه يتخبط..

بين فكرةِ أن يظل عزيزاً..

وبين أن تفقد الأكتاف..

أيدينا..

وتنكرنا..!

فلا يعود لنا..

أن نباغت بعضنا بعضاً.. من الخلف..

كما يفعل الأصدقاء..

كأن أيدينا..

لم تكن يوماً..

تكاد في بعضها..

تفقد بصمتينا..

من شدة الالتصاق..

أن نسير على طرفي نقيض..

“كلانا تعيس

لا أحد متأكد..

من قرار المغادرة..

نواصل تحطيم بعضينا.. ونسميه حبًا..!!”

ياله من فصام..

‏أن تعرِف بالريحِ معنى السكون

‏وتفهم بالجرح.

معنى الوفا..

**

“يا صاحبَ الظلِّ ..

خُذني رُؤىً

تُفتّشُ عن نفسِها في الصَّفا

فقال:

انفرِدْ مثلَ تهويمةٍ

تثاءَبَها الطُورُ.. لما غفى

عليلٌ حضورُكَ يا صاحبي

فغِبْ في جمالِكَ

تلقَ الشِّفا

تصبّرْ على الشمس مثقوبةً

وبعد السفينةِ..

لن تأسَفا

وغايةُ وعْيِكَ:

أن لا ترى

ومَبلَغُ جهلِكَ:

أن تَعرِفا

وكلُّ اشتعالِكَ:

أن تختفي

وكلُّ انشغالِكَ:

أن تُعرَفا

متى ضقتَ بالرشدِ

لن تنجلي

نَعَم كنتَ بَرقاً

نعم …وانطفى

وفي اليمِّ:

قصّةُ من خُوِّفوا

وفي القصرِ:

غُصةُ من خَوّفا

ستعرِفُ بالريحِ معنى السكونْ

وتفهمُ بالجرحِ معنى الوفا

وتحت الجدارِ الكنوز التي

سيُورِثُها الله من طَوَّفا

هو الخِضْرُ عاد

إلى كهفِهِ

أضاءِ لنا فكرةً..

واختفى! “

**

حبالك الصوتية..

لم تعد لطفل..

وحين تخبر أحدهم.. أنك خائف..

أو تريد لعبة..

لا يصدق..

لأن صوتك..

أجش من الخوف..

وأكبر من اللُعَب..

وأنك استنفدت حقك في البكاء وفي الشكاء.. وصرت كبيراً..

فلا تبالغ..!!

أتدري مالذي لاأفهمه؟

لاأفهم ،كيف لا يكون المرؤ كبيراً

و مطمئناً..

إلا عندما يفقد حقه في اللعب..

ويتوقف عن الخوف..

وعن الاكتئاب..

والقلق..

والشتم..

واللعن..

والشكاء..

ألّا يبالي إطلاقاً..

وأن يستمر في المضي..

كما يفعل الرجال

كأن لا شيئ يؤلم..!!

**

أعترفُ بالإفلاس..

لقد كنت اسمع اسمك.. والتفت..

والآن لازلت..

أسمعهُ وألتفت..

لكن، إلى الجهة المقابلة..

كمن يختار الفضاء.. على ربكة الأحداث ..

اللعنة

على وجه الشجاعة..

“لَقَد أَنَلتُكَ أُذناً ..غَيرَ واعِيَةٍ

وَرُبَّ مُنتَصِتٍ ..وَالقَلبُ في صَمَمِ”

**

يومٌ آخر..

تنام فيه حزيناً..

تطبقْ على الدمع.. جفنيك..

وتغفو..

مرسلاً لليل حلمك..

عُجمة الرمل..

عَوِصت..

على الساعة الرملية..

وزِمِنَتْ رغباتُها في تقليب هذا الوقت..

الحيرة..

تُفضي إلى المزيد منها..

والوسن..

نَدَّ عن جفنيك العليلة..

تُشعِل الليل..

أنغامُ الموسيقى..

تُقرِؤها.. وتُقرؤك السلام..

من “أمَّنتك الله..

ياحبيبي..

أبارحل”

 إلى “لِيلة..

لو باقي لِيلة”..

إلى الليل..

“ياليلى يعاتبني..

ويقول لي..

سلم على ليلى..

الحب..

لاتحلو نسائمه..

إلا إذا غنى الهوى ليلى”..

وتنقلب عن جنبك..

إلى جنبك الآخر..

ترتق الشق.. في الهالة القمرية..

يتسرب الضوء..

تحتضن السواد..

هذه الليلة..

بقايا..

كالسجيلة..

فوق رأسك.. لاتُداوي..

**

هذه الليلة..

جئتُ قبل الغد..

حاملاً عُدَّةَ الصيد..

أعلق شمساً صغيرة..

في الحديدة المعقوفة رأس الصنارة..

أوهم الليل.. أنها نجمة..

وألقي بها خلسة..

كالسهم.. من ضلع الرمية..

يتبلع النهارُ الطعم..

وأشد المغزل..

قاسماً صدر الليل..

هذا هو الغد..!

**

“آه كم أخشى غدي هذا وأرجوه إقترابا

كنت أستدنيه.. لكن..

هبته لما أهابا”

**

تطلُعُ الشمس..

ويجف الملح..

غداً..

و يعود إليّ عمري..

“فهو يَمضي جامحاً أو يرتطِمْ

نقضَ الأرسان.. واستنَّ العَمَى..”

ياأجمل الخيبات..

حاملاً بيديهِ مِحْبرةً جديدة..

يقولُ ” عشِنا وجسرُ الموتِ قُدّامَنا

فَشَمّرِ الآنْ.. كَيْ تَعبُرَه

والعِزُّ في الثّروَةِ

والعيشُ في الحَبرةِ

 والحِرفةُ في المِحْبَرَه”

**

لكني أردها..

وأقول

“لم أعد قلقاً لأكتب”

لقد أصبحتُ كبيراً..

**

هذه المرة.. أنا خارجٌ من الباب..

أسلمك المفاتيح.. و.. أَفِلّْ

لقد آن تغفو الرصاصة..

على صدر الضحية..

لا أن تفي..

للبندقية..

أن تمر الليلة..

أن يكون آخر عهدي بك

أن أحبك اليوم..

للمرة الأخيرة..

وأنساك..

**

في الوقت الذي تستطيع فيه أن تقتل من تحب..

أن تتوقف عمداً.. عن الكتابة..

عن الرقص مثل الأفاعي..

أن تخرج عمداً أسوأ مافيك..

أن تلعن الحظ..

والوقت..

والتجربة..

والورق..

والكتب..

والناس..

بدءاً من الأصدقاء..

إلى خطباء الجمع..

تستطيع النجاة..

صدقني..

بطريقةٍ ما..

لكل إنسان منا.. إيمانه الخاص..

لكننا بطريقةٍ ما -أيضاً-

 نميل لنقض هذا الإيمان بين الحين والآخر..

وبطريقة ما أيضا.. البحث المطلق عن الحرية المطلقة..

يؤدي إلى قمة العبودية..

 جرب أن تتحرر..

لتفهم ماأقول..

لايمكن أن يصل الانسان للإيمان المطلق..

بدون الشك..

مالايقال.. يُكتب..

لكنَّ مالا يُكتب.. يَقتُل

**

قل لي..

كيف نرد تفتق الجروح..

إلا بالنسيان..؟

” أَن نتذكَّرَ الماضي..

ولا نتذكَّرَ الغد في الحكايةْ”

 **

“هذا هُوَ النسيانُ حوَلكَ يافطاتٌ

تُوقظُ الماضي، تحثُّ على التذكُّر. تكبح

الزَّمَنَ السريعَ على إشارات المرور،

وتُغْلقُ الساحاتِ

تمثالٌ رُخَاميٌّ هو النسيانُ. تمثالٌ

يُحَمْلقُ فيكَ: قِفْ مثلي لتشبِهَني.

وَضَعْ ورداً على قدميَّ

أُغنيةٌ مُكَرَّرَةٌ هو النسيانُ. أُغنيةٌ

تطاردُ ربّةَ البيت احتفاءً بالمناسبة

السعيدةِ، في السرير وغرفة الـﭭـيديو,

وفي صالونها الخاوي، ومطبخها

وأَنصابٌ هو النسيانُ. أَنصابٌ على

الطرقات تأخذ هيئة الشَّجَر البُرُونزيِّ

المرصّعِ بالمدائح والصقورِ

ومتحفٌ خالٍ من الغد، باردٌ،

يروي الفصولَ المنتقاةَ من البدايةْ

هذا هو النسيانُ: أَن تتذكَّرَ الماضي

ولا تتذكَّرَ في الحكايةْ”

**

“اليوم.. دعنا نتفق

دعني أوقع عنك ميثاق الرحيل

مرني بشيء مستحيل

قل لي شروطك كلها..

إلا التي فيها قضيت

إن قُلتَ أو إن لم تَقُلْ

أنا قد مضيت”

**

لقد أكلت من الهواء.. مايكفي..

وشربت ماء البحر..

وضربت عرض الحائط.. بكل مالم يكن بوسعي تحمله..

حتى وقعتُ أخيراً.. على قول كاميلو خوسيه:

“لايمكن اعتياد الفاجعة، صدقني،

لأننا دائماً نتوهم.. أن الفاجعةَ التي نتجاوزها.. ستكون الأخيرة”..

العالم.. لايكمن أن ينتظر أكثر..

حتى نشفى تماماً..

وهذه الليلة..

ليست جيدة بما يكفي.. لأن تمر.. دون أكتب

فالإجابة واضحة..

أمام عيني..

واضحةً ومكشوفة..

كنتيجةٍ حتمية.. للتقدم في العمر:

لاتعود تلائمنا المقاسات..

وحتى يكون كل شيء على مايرام،

نظن أن علينا، ألا نتغير..

وألا نتحرر..

حتى نحصل على كل شيئ..!!

لكن فكرة الحب.. ليست هي الدواء..

وليست أيضاً هي المشكلة.. !!

لقد كنا جميعاً صغاراً عندما قررنا أن نحب..

وكلما كبرنا في العمر..

كبرنا على فكرة الحب..

كنتيجةٍ حتميةٍ للتقدمِ في العمر: لاتعود تلائمنا المقاسات..!

وأن هذه المرة..

ياصديقي..

هي الثالثة..

التي أخبرتك..

ألا رابعة بعدها..

هذا فراق بيني وبينك..

سأنبئك بتأويل مالم تسطع عليه صبرا :

لم أعد أحبك..

لفد كان قلبي.. على المحك..

ليس قلبك.. ..

لم يكن عمرك..

كان عمري..

لقد فعلتها من قبل..

واسطيعها الآن.. مرة أخرى..

أن أكبر جداً..

هنا، والآن.. 

أن أضع يدّي في جيبي..

وأقول للشمس..

أن تغرب..!!

فالمصابيحُ معلقة.. في الجهة المقابلة..

 والحريةُ دوماً.. تقعُ خلف الجدار..

**

أن نُنسى..

أن تَسقط الأقفال..

أن تنسى البراويزُ اللُّوَح

أن ينمو العشب..

فوق الأثاف..

أن تُستبدل فكرة الكتابة.. بالنسيان..

أن يغيب الحبُ في السهو..

وأن يضيع في التَرك..

أن تصل ذوائبُ الإهمال..

إلى شغفة النسيان..

“أن أربط ألف بالونةٍ حول عنقي..

وأحلق عالياً..

كما يقول ماثيو دوناهو..

بينما رويداً رويداً،

أموت من السعادة”

**

أن يمتد الأفق..

إلى ماوراء السور..

**

أعلم أنك لن تجيب على رسالتي هذه.. لابأس.. مَيّْ لاتجيب أيضاً.. كلاكما ميت بالنسبة إلي.. وأنا لاأكتب بهذا الحزن.. إلا إذا مات في داخلي أحد..

فهاأنا ذا.. أكتب لك.. كأنك آخر الموتى الذي عرفتهم.. كأن لن يموت بعدك أي إنسان.. كأن لن أشعر بالحزن.. بعد هذه المرة..

أتمنى أن تكون يدك التي أحب.. بخير..

أن تمشي..

فينموا حول موطئك السوسن..

أن ترافقك الخضرة والغدق..

أن تستسيغ الأيام..

على السواء والدوام..

أن تجلس العصر..

تغني..

كل يوم..

خالياً..

كالطفل..

لايدري..

ألسبتُ اليوم؟ أم الأحد..

**

هذا الحزن..

يُتلِفُنِي..

لكني لاأريد أن أبدو ضعيفاً هذه المرة.. يبدو فعلاً.. أنها الأخيرة.. ولاأريد أن تراني مهزوماً في الأخير.. أريد أن أبدو مثلك.. صلباً.. ومتحجر.. وبارد..

كمن يحيط بقلبه الثلج.. من كل الجهات..

إنها على مايبدو.. إحدى المرات.. التي يرغب المرؤ أن يقول كل مالديه.. دفعة واحدة.. قبل أن يتلاشى الحب الكبير.. بشكل نهائي..و تتحول الألفة، إلى اغتراب..

 **

لو كان للأيام صوت..

لكان لهذه الأيام صوت “حمود السمة”:

 ” ماقلت لي مشتاق أشوفك.. مثلماانا اشتقت لك..!! وآنا الذي قد كنت باجنن واقلب الدنيا عليك”..

أو ربما كانت لتقول:

 ” تذكر يوم جيت من الحزن متضايق ومكسور.. فرشت لك الضلوع وقلت لك ياسيد عشاقي.. خذ ضلوعي وابن فيها يسار الصدر بيت وسور.. ترا مافيه قبلك من سكن صدري وخفاقي.. بعد هذا رحلت ولا بقى الا بيتك المهجور..!! ألا ياكبرها لامن رحلت ومنزلك باقي..!! ألا ياكبرها لامن رحلت ومنزلك باقي..!!”

لكنها جائتك تقول:

“لكن فمان الله وانا.. يرضيني طيفك لادنى.. واستر جروحي، ترا الاجواد ستارة “

**

أن تركض.. أمر طبيعي

لكنَّ أن تركض..

وارء سيارة الإسعاف..

هنا تكبر..

مع كل وثبتين.. تكبر..

تلتقط أياماً إضافية

يُدغِمُ المدى، عمراً، إلى عمرك..

يتضخم..

يكتض..

تصطدم بالأعمار..

من كل جانب..

ويأتيك الموت..

ولست بميت..

يمر خلالك الأطفال..

والقطط

والظلال

والشاحنات

وأيام الغبار

والعيد..

وإجازات المدارس..

وماء المطر..

وقبعات القش..

وكل ذلك..

**

حين وصلنا إلى المقبرة..

توقفت عن الركض..

كنت بذلك..

قد وصلت إلى نفس عمر أبي..

ووحدته..!!

**

هنا..

دفنت قلبي..

**

هنا..

يكبر الإنسان..

( حيثما يتوقف عن الركض)

**

الآن أدركت..

**

لقد رحل أبي.. وحيداً.. يتيماً

كفأس..!!

مقطوعاً..

من الشجرة..!!

**

وأنا كبرت على البكاء..

كطبيب شرعي..

يقف أمام جثة..

لأعز إنسانٍ على قلبه..

يقبل رأسه..

ثم يشق بالمشرط صدره

يمر على قلبه..

حيث كانت الأيام..

يُشَرِّح قلبين..

يموت الآن أحدهما..

والآخر.. ميتٌ بالفعل..

يغطيه باللحاف.. لآخر مرة..

وخارج غرفة التشريح..

يصلي عليه صلاة الغائب..

ثم يعود..

ينظف حافة المشرط..!!

**

زمنٌ طويلٌ..

يبدو لي أنه كافٍ..

مر على تَساقط الأشجار من خلف الجدار..

مذ كنا نتكئُ ونقول :

“ألفُ قلبٍ لهوانا ليس تكفي..!!

حبنا أكبر منا وهوانا ليس يفنى

أبداً،، حتى لو انَّا نحن أبعدناه عنا

أبداً..

 حتى لو انَّا نحن أبعدناه عنا.. (تَذَكَّر!! )

حبنا ما تاه في الإثم ولا ضل..

حبنا حكمٌ من الأقدار مرسل

حتى لو انَّا نحن أبعدناه عنا لن نتوب..

يا حبيبي لن نتوب..

ليس في الحب ذنوب

بيننا عهد قلوب.. عهد عَلاَّم الغيوب

بيننا عهد قلوب

عهد علام الغيوب..

**

بيننا عهد قلوب

عهد علام الغيوب..”

**

“انظر.. لقد مللت حكمتي

إنني أستعرض جميع ما كُتب، فلا تميل نفسي إلّا إلى ما كتبه الإنسان بقطرات دمه..

اكتب بدمك.. فتعلم حينئذ أن الدم روح..

وليس بالسهل.. أن يفهم الإنسان.. دماً غريباً”

هكذا تكلم زرادشت..

سأعود للبيت..

وآخر شيء أفكر به..

هو أن أعاتب صديقاً.. أو قريباً هجر..

مادامت القصة تنتهي في البيت.. فهي نهاية سعيدة..

لكني أعتقد أن علي البحث، عن مكانٍ أكبر..

لأنه عندما يكون لديك أكثر مما تظن..

فإنك تحتاجُ إلى مساحة أكبر..

أن أعيد رسم الخارطة..

لأنني وحدي.. صاحب النظرة الخاطئة..

“ولاأستطيع أن أعود..

ثمن هذا الطريق..

كان روحي..”

**

أريد من الغد.. أن يغمرني بالأسماء.. حتى تضيع التفاصيل.. في زحمة الأشياء.. أن أعود في المساء.. وأنا لاأتذكر ماحدث.. أن أنام دون لحاف، أو وسادة.. من شدة الإعياء..؛ أن أستهلك المزيد.. حتى أن أقف بعد زمن.. أمام رقم هاتفك.. أحاول أن أتذكر مالذي حدث ولاأستطيع.. أقول لنفسي.. لقد حاولت..! فعلت كل مايجب علي فعله.. والآن أنقر خفيفاً على خيارات الدردشة.. أختار “حذف” وأنا أبتسم.. اتجاوز اسمك.. إلى إسمٍ جديد..

أقول له “ابغ اقل لك ياخي.. ” وأسترسل في الحديث.. كمن تعلم للتو.. أن “التجاوز” أشد براعةً “من النسيان.. ومن فِعل التَّذَكُّر”..

**

تسألني أمي.. “من أين اقتبست هذا المحيا الطل..؟” وأقول “تجاوزت ياأمي.. تجاوزت..” تقول “كيف ابتكرت هذا الجمال؟”..  وأقول “تعلمت.. أن أقابل الدبابة.. بمسدس”

لم تكن معادلة سهلة.. لكنني فعلتها ياأمي.. فعلتها..

تسألني عجايب.. وأقول لها “لقد كان انتصاراً حزيناً”.. لكنني فعلتها ياحلوة..؛ يشهد الله.. أنهم لم يتركوا لي خياراً.. وأنه لم يبق للصلح باباً إلا وأقمت عنده يومين أو أكثر.. والآن تكرفس البستان، ولم يعد للأمر قيمة.. بكل هذه الجسارة، والقحط، والبساطة..وهذا الألم..؛ أكتفي بهذا القدر ..من شرف المحاولة..

أَمُر.. غير آسفٍ ولاغضبان.. كمن يركل علبة صودا من أمامه.. عن الطريق إلى الرصيف.. أو كمن يمر عليها بسيارته.. دون حتى أن ينتبه.. أو يشطح..!!

**

لِمَ كُنتَ تكذب ياصغيري..؟

لِمَه؟

“ياكل الوان التعب

قل لي..

إذا أنا كنت عندك طارئاً، سهل العبور …

فعلامَ تبكي عندما أبكي ..”

“أمسَكتُ هَذا السُّؤَالَ المُرَّ.. وَانفَلَتَا”

“حتى أنت يابروتوس”..

كنت تكذب..

“حتى أتانا اليقين”

وحملتَ أخيراً.. فرادتك..

على عصا الترحال..

كنت أراقبك..

متأملاً.. ملامح الطفولة..

وهي تنسحب..

بخفة..

كالريح..

على وجهك..

لكن لاشعور..

لا حواجز..

لا مساس..

لا فيزياء..

لاطاقة..

ولا كيمياء..

أو حتى كتف..

وداعاً أيها الرجل الكبير..

لقد كنتَ يوماً..

سَيِّدَ الأطفال

و سِيدَ الأشقياء..

حتى اللُعب..

كانت بجانبك.. تشعر أنها كبيرة..

لقد كان مروراً طويلاً..

وأنا أراك مكتتفاً عصاك

لقد رأيتك بالفعل.. كهلاً

عند ناصية الفناء..

ليت الحياة..

تمنح الإنسان..

حق النسيان..

بالاختيار..

**

أكره التفكير في شخص مثلك في قفص

خالٍ من المتعة.. والبداعة..

أياً كان الدُرج الذي يفتحه الآن..

فأكيد.. أنَّ فيه شيئاً رائعاً..

مبهجاً..

وبديع

كالبرانس الصغيرة.. على رؤوس المواليد..

تُضحكك فقط.. بلا سبب..

الحريةُ والجمال.. رائعان جداً على أن نمر بهما سريعاً..

عليك تذكر ذلك بنفسك..

من الآن وصاعداً..

لاتدعني أخبرك بهذا مرة أخرى

لقد أصبحتَ كبيراً..

وعليك فعل ذلك..

فأنا..

لم أعد بالجوار..

**

لاتنس أن تضع خوذتك.. عندما تقود دراجة..

تذكر أن تقول في المطعم “اكسترا تشيز، بليز”.. لأنك دائماً تنساها..

دائماً تنساها.. وتعود تطلبها في الأخير..

قطرة الأنف قبل النوم…

لامزيد من السجائر.. على الأقل

ليس مهماً أن تنشر صورة أو مقطع فيديو في القصة كل يوم..

أتمنى ألا تقود سيارتك كالمهرجين الذين في السيرك..

وألا تكون أسبابك مجهولة..

أن تجد دوماً.. دوافعك..

أن تعرف ماتريد..

أن تبقى ذرائعك..

كالشمس..

واضحة..

وأن تجد إلى آخر الحياة.. ماتريدُ وماتبغ..

أن يظل إيمانك متقداً.. وألا تشعر بالأسف.. وأن تبقى الحياة.. على قيد الحب.. وأن ترافقك السلامة.. وأن تجد الله.. في كل مرة..باستمرار.. وبدون انقطاع، إلى الأبد..

إن كنت تبحث عن إجابة، إقرأ، لاتسأل أكثر مما تقرأ..

وان كنت تبحث عن الإلهام، استمع لموسيقى، أو شاهد فلماً..

وإن كنت تبحث عن الله، تأمل..

وإن كنت تبحث عن نفسك، سافر..

وان كنت تبحث عن الحقيقة، استفت قلبك..

وان كنت تبحث عن الحرية، اقتل بداخلك الذين تحبهم.. إكبر

وإذا أردت أن تبقى إنساناً، فتوقف عن التمام.. أعِدِ التراب إلى التراب..

تذكر هذه الأشياء..

**

اشتر كتباً.. ولو لم تقرأها..

شاغب كما يشاغب الأطفال، اقفز عارياً تحت المطر، تحدث مع نفسك كالمجانين، اسبح عكس التيار، تعرف على أناس كثر، صلِ كما يصلين العجائز، لاتلق بالاً لأخصائيي التغذية، كل ماتريد.. اصنع من الورقةِ قُمعاً وغنِّ أمام المرآة، ضع ورداً أمام الباب المقابل لشقتك، لاتكتب على الجدران، أما لو كان الجدار بعيداً عن المدينة، فلابأس، تمرد.. اكتب ذكرياتك، أو ارسم إيموجي، لاتعش يوماً مملاً، حتى لو كلفك ذلك أن تصبح طقاقة، أو اسكريم..! اسرح في إشارات المرور، تحدث مع اظافرك بعد الصلاة؛ عندما تكون على السطح، إجمع قدراً كبيراً من اللعاب، وشاهده يصنع نقطاً على الأرض، قل لنفسك أنك تمطر..! استكشف الحياة.. كمن خرج للتو.. من السجن.. لاتتوقف كثيراً أمام الغروب.. كن دائماً، في صف الشروق.. شاهد الأخبار عندما تكون في مزاج جيد لذلك، لكن ليس كل يوم؛ بدل أن تأخذ صديقتك إلى الحديقة، خذها إلى دار المسنين، تحدثوا إلى كَهْلَة.. قولوا لها أن الحديقة، مملة.. وأن الناس هنا، ألطف بكثير.. وأن المكان، مزدحم بالذكريات، وأن هذه الزيارة، واحدةٌ أيضاً، من ألطف الذكريات..

تقافز مثل حبات الفشار

ومثلما تتقافز البطاطا المقلية.. في الزيت، شجع الهلال، وكن دائماً، دائماً صديقاً للطيبين.. لاتصاحب البقر.. ولاالمتعجرفين.. لا تصاحب شخصاً يبدؤ الحديث بالسؤال عن الطقس.. لاتتوقف عن النمو.. إلا عندما تشعر أنه الوقت المناسب.. لامسؤوليات ولاأبناء قبل وقتها.. مفهوم؟ ولو استطعت دائماً أن تعزل الفكرة عن الشعور.. فافعل.. لا تكن في صف المشاعر دائماً.. جرب أن تتعامل أحياناً مع الأفكار.. تمام؟

لاتبحث عن الإبرة في كومة القش..

إحرق الكومة.. تجد الحقيقة.. والإبرة..

لاتقف، لاتبك من ذكرى حبيب ومنزل.. أبداً.. لاتقف..

 إبق دائماً.. على قيد الفحص والمعرفة..

Keep the dice rolling..

هل فهمت؟

**

لاأدري كيف صارت الغُمْرُ فجأة

أوسعُ من تواصَوا بالمرحمة..

لم يخلُ وجهٌ..

ولا رجع الصواعُ، ولم نزل..

في شكنا

حتى ارعوى

 بوعاء بنيامين..

الآن حصحص الحق..

لم نعد عصبة..

ولم أعد أخوكَ فلاتبتأس..

وإنا كنا..

خاطئين..

يامحطتي الأخيرة..

يا سري الصغير..

لقد كنت تكذب..

وكنت أعلم ذلك..

يا بروتوس..

لو كُنتَ تسأل..

**

في نهاية أسطورة سيزيف، يقول كامو:

“إنّني الآن اترك سيزيف عند الحضيض من جبله..

فالمرء دائمًا يعود إلى عبثه..

إلا أن سيزيف يعلمنا ذلك الضرب السامي من الولاء

 الذي لايعترف بالآلهة..

ويرفع الصخور.. طوعًا لها

الكفاح صعودًا إلى القمة كفيل بأن يملأ قلب الإنسان بالأمل. فعلينا أن نتخيل سيزيف.. وهو يكافح صعودًا إلى القمة، مع علمه بأنه لن يصلها..

قد يكون رمزًا للإنسانية جمعاء..

عظمة سيزيف تتأتى من أنه لايستطيع أن يترك للصخرة البقاء في أسفل المنحدر..”

هل تتفق.. أن الكثير من النهايات..

ليست على قدر شرف المحاولة..؟

حسناً إذن..

غادر الآن..

قد تكون الشمس..

 أحياناً..

مظلمة..

ماذا لو أن القرية التي كنا فيها..

والعير..

وصاحبي السجن..

وامرأة العزيز..

و النسوة اللاتي قطعن أيديهن..

ويعقوب..

وكل من حضر السقاية..

والفتية.. وكل أطراف الحكاية..

يعلمون أنّا..

ومنذ الآية الأولى..

حتى.. دخلنا مصر..

أننا خَوَنَه..

أنا سرقنا صواع الملك..

أنا تمردنا

وأنا ذهبنا نستبق..

وعدنا بالقميص الكذب

وأن الذئب..

ظل يحرس يوسف..

وأنّا لم نكن من بعدهِ..

قوماً صالحين..

إنما كنا نكذب..

أليس كذلك الله..

يضل من هو مسرف..؟

ألم نكن..

مُسرِفَين جداً..

في كل فاصلةٍ،

ونقطة..

في كل تفصيل..

حتى بلغت بنا مجاوزة القصد..

أن ننصهر في المعية..

حد أن نجهل.. أَيّ واحد منا.. هو الآخر..

وأنشأنا بُعداً جديداً للهوية..

نعترفُ بهِ..

أنا.. وأنت..

كأي هارِبَين من القانون..

أنشأنا شريعتنا الخاصة..

بحقيقةٍ مطلقة..

وغير مقيدة..

تضمن لنا..

شرعية الفوضى.. والوجود..

مذ قال أحدهم..

“قد سرق”

فأسرها يوسف في نفسه..

وأنا على قيد اليقين..

أن هذا القانون..

سيسري :

أن أحبك اليوم

وأنساك غُدوة..

**

إن الحياة..

 -بطبيعتها-

لن تكون عادلةً.. في كل مرة..

وسوف يكون على أحدنا..

أن يطلق الرصاص..

وعلى الآخر..

أن يموت..

الحظ ليس حياديا كفاية، هو الآخر..

وكان عليه في الأخير..

أن يضع النقطة..

التي لايمكن التحرك بعدها..

أو التقدم..

وأن ينحاز كالجبناء.. لأحد الطرفين..

كما يلعب الأوغاد والمخانيث..

يهازل الحياة..

وتهازل الحياةُ -بدورها- ذاك المخنث..

و المهزلةُ مستمرة.. ودائرة..

مالذي تفعله الأفعى حين تحاصرها في السلة..؟

تتحول إلى راقصة..

هكذا الحياة.. حين تحاصرك..

إنها.. تستطيع من قوتها..

أن تحكم على الموت..

بالسجن المؤبد..

لقد نقضت الحياة..

عهد علام الغيوب..

 وعلى أحدنا الآن..

أن يقلع عن الشرب..

وعلى الآخر.. أن يغيب في السُكْر..

لقد أُجبرنا على الرقص..

كما ترقص الحيايا.. محاصرةً بالسلال

**

كأسك..

نخبَ عهدِ قلبينا المقدس

لاتطلق الرصاص الآن..

دعني أبتعد..

أخاف على قميصك..

أن تلطخه الدماء..

**

لابد أنني كنت أبالغ..

وذلك لم يكن جيداً في النهاية..

لأنه على مايبدو.. أن الرمح..

كان غالياً..

والفريسة.. كانت ذبابة…

” ما كنتُ يوماً.. في سوا وهمي حبيباً

ما كان يمكن ان تراني ما اراك”..

‏”فكأنني موجٌ يلاطمُ نفسهُ

‏البحرُ صدري والفؤادُ غريقُ”..

أحاول العبور إلى المعنى..

“وَالريحُ تعصفُ، والظلامُ، وَمركبي

مِن غير أشرعةٍ ولامجدافِ”..

**

لقد كنتَ الوحيد..

الذي يأمر على قلبي.. وأقول تم

ولكني..” تعبتُ من الثباتِ أيا ثباتي

‏لقد آن الآوان لكي أسيلا..”

**

لقد كان مقدراً.. لكل الأشياء.. أن نتهي..

وتعود غريبة..

حتى الإسلام…!

سيعود غريباً في أحد الأيام..

صحيح أنك لن تستطيع النجاة حتى تضع الحزن على مقياس الجمال..

لكن الجروح.. تعلمنا..

تعلمنا الجروح.. أكثر مما تعلمنا الأمهات..

مايجب على المرء فعله كي يموت هو أن يعتاد..

إن الاعتياد..

بطريقة ما..

هو الموت..

منذ توقفنا عن اللعب..

وانت تلعب في رأسي..

بالخشب..

وبالألواح..

والصفائح المعدنية..

والأبواب..

وأصوات الأجراس والدراجات..

وكل شيء..

ولم تعد تطل على نوافذ المعنى.. فرصُ النجاة..

كل مافي الأمر..

أن خط الرجعة..

يغير موقعه..

في منتصف الطريق..

نوعٌ آخر..من التدله

أن نلقى أنفسنا أحياناً..

في بعض الضياع..

يقول سيركون بولص:

“البدء.. نختاره

 لكن النهاية تختارنا..

وما من طريقٍ.. سوى الطريق..”

وفي النهاية..

 ياوسيم..

وبعد أن يعيش المرؤ حزنه كاملاً..

سوف ينتصر في النهاية..

ويستعيد توازنه..

ومثلما اتفقنا.. ألا أنسى “العيش والملح”..

لم يحدث يوماً أن نسيت..

لازلت أذكر جيداً “طعم الملح”.. 

تماماً.. كما يستخدم لقمان ديركي حَسنات الآخر وقوداً للهجر:

“لم أعد أذكر منك..

سوى مزاياك الحسنة

كما لو أنك ميت..

لاتفعل شيئاً من أجلي..”

**

“سأرُوضُ قَلبي، أو يروح مُباعِداً”

فأنا..

لم أعد أرى برقك إلا خُلَّبا..

ولم يعد يعز علي..

أن أفتش في مكان لاأراك.. تدري؟

قسماً بوجهك.. أني متعبٌ..

لكن سعيد..

“وان كان شمسك تساومني على ظلك

ماعاد أبي منك شمسٍ ولا فَيَّه”

لقد كنتُ هنا..

حين أفلت العير..

ديسمبر..

وعاد الماء..

وارتد الضريرُ بصيرا..

خذ أنت البضاعة..

أما أنا..

فلن أبرح النص..

حتى يأذن لي أبي..

أو يحكم الله لي..

وهو خير الحاكمين..

لقد كان هذا النص.. طقسُ اعتفار..

وعلى ألا أبالي.. أحبُ فكرةَ أن يظلَ قلبي..

عزيزاً

 على رأي علي عزت بيقوفيتش:

“بين الحزن واللامبالاة.. سأختار الحزن”

**

الليلة.. أضعت ساعاتي،

مفاتيحي،

نظارتي،

كتبي..

أضعت حتى صوابي..

وكتفي..

يتردد في أرجاءِ روحي

كلماتُ بدر شاكر السياب..

عندما تذكّر أمّه.. وهو غريبٌ وحيدٌ كسيحٌ طريحٌ في مستشفىً بِلندن:

“البابُ ما قرعَتُه غيرُ الريح في اللَّيلِ العميقْ،

البابُ ما قرعتْه كفُّكِ..

أين كفُّكِ والطريقْ

ناءٍ؟ بحارٌ بيننا، مُدُنٌ، صحارى من ظَلامْ

الريحُ تحمل لي صدى القُبُلاتِ منها كالحريقْ

من نخلةٍ يعدو إلى أُخرى ويزهو في الغمامْ”

**

أعلم ألا شيئ.. يحدث الآن..

“لَم يَبقَ شيءٌ..

سِوى صَمتٍ يُسامِرُنا

وَطَيفِ ذِكرَى

 يَزورُ القلبَ أحيانا”

لكنني أرجو

أن تعذر النص.. على طوله..

لقد كنتُ دائماً..

أحاول..

أن أبقيك بعيداً.. على قدر الألم..

قريباً.. على قدر السعادة..

لكنّ المرء..

يكتب..

على قدر ألمه..

ويقرأ.. على قدر ألمه..

وأنا أعلم.. أنك لن تقرأ..

إن الموتى..

لايقرؤون..

**

رحمك الله..

ياابن أيامي السعيدة

**

لقد كنا نضحك..

ونحزن..

على أي شيء..

حتى على موضع النقطةِ.. والسكون..

أتذكُر؟

كيف كانت شجاراتنا أيضاً غريبة؟

على من يلم السفرة..!

أو من يفتح الباب..

أو ينسى المفاتيح..

أو يجلس في المقعد الأمامي..!

أو يتحكم بالمسجل..

لم نكن صغاراً..

لكننا كنا نجزؤ الشجارات الكبيرة..

إلى مشاكسات صغيرة..

كحقنة البنسلين..

صغيرة..

لكن مجدية..

كنا موجودين.. في كل شيء..

حتى تحت أظافرنا الصغيرة.. كان لنا أثر..

حتى فصيلة الدم.. كانت واحدة..

والمقاسات.. واحدة..

والخدع.. والسجالات.. واحدة..

كنت أعلم دائماً.. خطوتك التالية..

وتعلم خطوتي التي بعدها..

وهكذا كنا نسير..

على قيد الشقاوة والمعزة..

لا بأس..

أن يضحك الإنسان..

من شدة ماأحزنه..

لقد بعنا الطريق..

واشترينا

خط النهاية..

،،،

مشاركة

4.2 6 أصوات
تقييمات المقال
اشتراك
نبّهني عن
guest
2 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
تقييمات مضمنة
عرض كل التعليقات

وكُتب في جَبَنَة أيضا

بلا هوية

تأملت والدته أن يكون عوضًا عن أخيه الذي مات، طمأنها والده حين ولادته أنه روح أخيه بعثت فيه وتشكلت في عينيه وأنفه الصغيرة، في طفولته، كان لا يختلط مع أحد، وجلَّ وقته بمفرده، كانوا يطلقون النكات عليه وأنه شبيه لأمن في هدوئها ، في الفصل، كانوا لا يسمعون صوته إلا حين يُسأل سؤالًا يعجزون عنه أقرانه من الأطفال، شيدوا له  أن ذكاءه يعود لوالده لأن العرق دساس، كبر وكبر معه والده، في عزائه، بصم الأهل والأقارب، أنه لا يختلف عن والده عدى بالنظارة التي يرتديها، من حينها وفي الجمعات والمناسبات هو أبو أبيه، لم يناده أحد باسمه، في شيخوخته، وجميع أبنائه وأبنائهم الذين يحملون اسماءهم، أخبروه أنه يشبه صوره والده المعلقة بالحائط بشكل لايصدق، ولكنه، هو وحده، مصدقًا، أنه يشبه كل شيء إلا نفسه.

هل أنت جاهز للنشر ؟

نرحب في جبنة بالكتاب المبدعين.. فقط اترك ايميلك وسيتم التواصل معك قريبا بإذن الله 

لقاءات حية
تدوين
رسائل مرئية
تجارب
لقاءات حية
تدوين
رسائل مرئية
تجارب

- جميع الحقوق محفوطة لمبادرة متكأ 2021©