“عُمْر”

“عُمْر”

عهود عريشي

هناك لحظات في الحياة هي عبارة عن حياة كاملة .. تاريخ ممتليء وخلايا تحبو لتكون من عمرك عمراً للحظة  ..
*لحظة اليأس الهاربة في عروقك والتي تشعر فيها أنك تشيخ في لحظة وتفقد همة الحياة في روحك وتقطع الحبال بينك وبين كل ما تحب هذه اللحظة
هي “عمر” لونه غروب وعتمته تنصهر في جلدك فتجحد ذاكرتك وضحكاتك وموسيقى الأمس التي طارت أصابعك عليها راقصة  ..

  • لحظة الوصول بعد أن ركضت طويلا ومشت الدروب فيك وخاب ظنك آلاف المرات لكن ضوءًا خافتاً في أعماقك  بقي يخبرك أنك ستصل
    لحظة الوصول هذه هي ( عمر عظيم )
    *لحظة الحديث بعد صمت طويل  ..
    الحديث المنتظر الذي تصب نفسك فيه دون تردد دون أن تخشى أن تخدش صورتك في عيني الشخص الذي تحدثه ، تحدثه عنك ككيان منفصل وكأنك تلجأ اليه لتعرف نفسك
    لحظة الشعور أن الشخص الذي إلى جوارك يقوم بحمايتك بمداراة سلوكك تجاه الحياة بتوصيلك بمنافذ الأمل تلك اللحظة إنها “عمر”
    *لحظة اللقاء بعد غياب اللحظة التي تشعر فيها بأجنحتك دون أن تشك للحظة واحدة في قدرتك على التحليق  ..
    اللحظة التي تلامس فيها الغيم  وتمطر روحك ورداً وياسمين لحظة تسليم مشاعرك الأسيرة دون مفاوضات وترك معتقداتك المجيدة خلف ظهرك والذهاب لتلك العينين دون تذاكر عودة .
  • لحظة الفقد .. اللحظة التي ينكمش فيها الكون في عينيك وتشعر بعجزك وتسحب منك روحك دون حراك
    الوقوف على حافة الحياة وتتسمر أقدامك لا أنت بالذي ذهبت ولا استطعت العودة  .. لحظة النزيف الداخلي الذي لا يمكن لشيء ان يحول دونه
    *لحظة ارتشافك لفنجان قهوتك الأول بعد انقطاع تعانقك حبات البن تندفع إليك القهوة تشربها كعناق  ..
    *لحظة ولادتك من جديد 
    بعد ان تعيش ظلمات بعضها فوق بعض  .. وبعد أن يتلبسك اليأس وتشق العتمة طريقها فيك ..
    تشرق الشمس بين عينيك وتتجلى أمامك مسارات الصبح
    تعرف قدميك طريقها إلى الحياة من جديد فتعود لها مولوداً من جديد ، تعود كناجي حي
    كاد أن يفقد شرف الحياة  تعود حاملاً توابيت حيواتك التي فقدت !
    *تلك الضحكات الغير مخطط لها والتي تجعل دموعك دون وعي تفر من عينيك ..

فكم عمراً عشنا وكم عمراً فقدنا .. وكم عمر ينتظرنا وننتظره !

مشاركة

0 0 أصوات
تقييمات المقال
اشتراك
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
تقييمات مضمنة
عرض كل التعليقات

وكُتب في جَبَنَة أيضا

بلا هوية

تأملت والدته أن يكون عوضًا عن أخيه الذي مات، طمأنها والده حين ولادته أنه روح أخيه بعثت فيه وتشكلت في عينيه وأنفه الصغيرة، في طفولته، كان لا يختلط مع أحد، وجلَّ وقته بمفرده، كانوا يطلقون النكات عليه وأنه شبيه لأمن في هدوئها ، في الفصل، كانوا لا يسمعون صوته إلا حين يُسأل سؤالًا يعجزون عنه أقرانه من الأطفال، شيدوا له  أن ذكاءه يعود لوالده لأن العرق دساس، كبر وكبر معه والده، في عزائه، بصم الأهل والأقارب، أنه لا يختلف عن والده عدى بالنظارة التي يرتديها، من حينها وفي الجمعات والمناسبات هو أبو أبيه، لم يناده أحد باسمه، في شيخوخته، وجميع أبنائه وأبنائهم الذين يحملون اسماءهم، أخبروه أنه يشبه صوره والده المعلقة بالحائط بشكل لايصدق، ولكنه، هو وحده، مصدقًا، أنه يشبه كل شيء إلا نفسه.

هل أنت جاهز للنشر ؟

نرحب في جبنة بالكتاب المبدعين.. فقط اترك ايميلك وسيتم التواصل معك قريبا بإذن الله 

لقاءات حية
تدوين
رسائل مرئية
تجارب
لقاءات حية
تدوين
رسائل مرئية
تجارب

- جميع الحقوق محفوطة لمبادرة متكأ 2021©