لاتكبر ياهثيم..

لاتكبر ياهثيم..

"س" أو "ص"

مرحباً ياهيثم..

إنه منتصف الليل..؛ دائماً.. منتصف الليل..؛

وأنا يحيى..؛ أو.. لا يهم..

لكن ما ستقرأهُ تباعاً.. هو قصاصةٌ مجتزأة.. من سيرةٍ ذاتية.. حدثت تفاصيلها بالفعل..!! قبل أسبوعين..؛ أو ساعة..!

**

منذ زمن، لم أكتب لأحد..؛ ولا حتى لنفسي الغائبة.. عني.. ياهيثم.. وعن قيد الحياة..

**

ربما كنتُ في الأيام الماضيات شخصين..! أو أكثر..!! لاأعلم..! ربما كنت ستة.. أو سبعة..! لست متأكداً جداً..، لكننا كنا كُثُر..، ولايعرف أحدٌ منا.. عن الآخر.. أي شيء..!!

 كنا نعيش دفعة واحدة.. في مساحة ضيقة.. بداخل جسدٍ ما.. لشخصٍ ما.. لايعلم هو الآخر.. عن أي أحدٍ منا.. أي شيئ..!!

**

 أحدنا.. أحياناً.. كان يريد أن يقرأ..؛ والآخر.. يريد أن ينام..!! وآخر.. يحدث نفسه بالانتحار.. طوال الليل..!! وثمة آخر.. في أقصى الجَرَد.. يبكي على شيئٍ يجهله..!! وللآخرين شؤونهم..؛ لايعلم أحد.. مالذي ينوي الذين بجانبه.. أن يفعلوه..! كلٌ مرهونٌ بعطلته..!! يسبح في مداراتٍ ما.. هو فيها صاحب شأن..! وصاحب كلمة..! ومتخذ قرار..!!

ولايدري الجسد المسكين.. لأي صوتٍ يستجيب.. ولأي عقل..!!

**

هل تعلم ياهيثم.. معنى أن تجري كالمعتوه.. واللعاب يتطاير من فمك.. هارباً من داخلك..!! من الأوغاد في جوفك..، من الأطفال، ومن كبار السن، ومن المعاقين حركياً، والحكماء، والأذكياء، والمتحولين جنسياً، والسكارى، والقادمين من أبعادٍ موازية..، ومن الكثير من الكائنات والأشخاص.. الذين لاتعلم – تحديداً – ماالذي يريدون..!! وأشك أنهم أنفسهم يعلمون..!! إنهم فقط.. وجدوا أنفسهم هنا.. يحتلون بدنك.. كلهم على صواب..! كلهم على خطأ..! كلهم حقيقي..! وكلهم وهم…..!! وأنت..؛ ياأيها المسكين..؛ ضائعٌ.. بين الضباب..؛ تائهٌ.. بين الوجوه..؛ لاتملكُ من الأمر.. ولو شق تمرة..!! ولو أن تلقي بنفسك من على السطح.. وتقتلكم جميعاً..!! دفعة واحدة.. تاركاً على جنب الرصيف.. جثة..، ظنها الناس لواحد.. وهي في الأصل.. مقبرة جماعية..!!

**

أنت لاتعلم ياصديقي.. مالذي يعنيه.. أن يكون هناك.. أضدادُ أَخْيافٍ من الأولاد.. في رأسك.. أحدٌ منهم.. يكب الماء..؛ وآخر.. يركل الإناء….!! وآخرون.. يتراقصون.. يتقافزون.. يكبرون ويصغرون.. يكثرون أحياناً.. حتى تكاد من فرط الصخب.. أن تقتلع أذنيك..!! ويختفون أحياناً.. مرة واحدة.. حتى تكاد من فرط الهدوء.. ان تسمع دقات قلبك.. وصوت ضخ الدم في.. مجرى العروق..!!

**

كلهم ليسوا أنت.. وكلهم أنت..!!

**

قل لي..

مالذي يفعله الآخرون

 في رأسك..؟

**

قد لاأكون الآن.. شخصاً حقيقي.. على أية حال..!! لكني قد أكون..

 الذي أعرفه تماماً.. أنني خبئت ورقة.. تحت الوسادة.. مكتوباً عليها.. “إن عدتَ يوماً.. باحثاً.. عن ذاتٍ شريدة.. عن أناً ضائعة.. إقرأ التالي”..

ثم عدة أسطر.. كتبتها عن نفسي لحظة صفاء داخلي.. اُذَكِّرُني بي.. عندما أعود إلى نفسي.. باحثاً عنها وعني.. تحت الوسادة..!!

**

أسفل الورقة.. مجموعة أسماء

من بينها إسمي الحقيقي.. في كل مرة..

**

لاعليك..

أيَّاً ما أكون

وأياً مايكون اسمي..

 وأياً مايكون الآن..  فأنا نتاجُ عوالم غيبية.. وأشخاص كُثُر.. مختلفين أبداً..!! لو اتفق منهم اثنان.. أو ثلاثة.. فمن الصعب جداً بمكان.. أن يتفق الجميع..

 يصل الخصام أحياناً.. في داخل رأسي.. إلى القتل..!!

يطلق أحدٌ الرصاص.. على آخَرِه..!! على مرءاً من عيني..! على مرءاً.. من أعين الجميع..!! ولايتزحزح منا أحد..!!!

تخترق الرصاصة جوفي.. من منتصف الوجع.. تماماً..؛ تكاد من فرط الهزيز.. أن تقتلع فكَّي.. أحدٌ عن الآخر..!!

وأظل عدة أيام… أو سنوات.. أحمل مِزَقاً من جثة..!! على جدران جمجمتي..! لاأحد غير الله.. يعلم عن الموتى.. في داخلي..!!

لاأحد غير الله.. يلحظ الدم والعلق.. حين أنثره بأنفي.. مع الماء.. أثناء الوضوء..!!

**

قل لي.. من منا.. يتحمل.. أن يكون بداخل رأسه.. مسرحُ جريمة

**

الفراغُ أعلاه.. موضعٌ لنهاية.. حلمت بها كثيراً.. لكنها تأبى أن تكون.. إلا قيامة..!!

**

من يقنع الأسطر.. أن الموت.. كثير جداً.. بشكلٍ فاضح.. لكن القيامات.. لاتُكتب..!!

إنها تقوم فقط..!!

**

أتسائل دائماً ياهيثم.. مالذي كان يدور في رأس درويش.. حين كان يقول: ” حاصر حصارك لامفر.. قاتل عدوك لامفر.. سقطت ذراعك فالتقطها..! وسقطْتُ قربك فالتقطني.. واضرب عدوك بي.. فأنت اليوم..!!”

أيُّ انفلالٍ دفعه.. إلى درجاتٍ من الإفلاس.. يقول لها: “لي حكمة المحكوم بالإعدام.. لاأشياء أملكها لتملكني..” !!

ترى مالذي يحدث.. عندما يستحيل أن تجد نفسك في معاناتك.. لكن في معاناة الآخرين..؟

إنه حتماً.. ليس من الصعب.. ان تجد نفسك في فكرة.. أو في إحدى الحقائق العائمة في هذا الكون…!!

ومن يدري.. ربما ألقاك في نص.. أو ربما التقينا دمعتين.. على طرف منديل..

**

تُرى مالذي يفعله هيثم.. في هذه الأثناء..؟ ذلك الطفل الكهل..!!

تجربتي القديمة.. هذه الأيام..؛ دائماً أسأل نفسي..

وأقول لي.. أن الحقيقة.. أن هيثم.. ليس طفلاً..!! هيثم مشروع طفل.. لم يكتمل بعد..، يكبر هيثم.. دائماً يكبر.. والطفل في داخله لم يكتمل بعد.. ويظل يكبر.. وهذا ماأراه.. مع أنني أتمنى سياقاً غير هذا ياهيثم.. يكتمل فيه الطفل بداخلك.. ويظهر شخص جديد.. مكتمل وقادر.. لكنني لست على ثقة.. بأن هذا سيحدث..!!

أشعر بك.. هذا لأنني.. تعلمت جيداً.. معنى أن تكون صغيراً من القاع.. كبيراً من السقف..!

معنى أن تكون أعمدة الأساس.. هشة.. والسقف أعلاها ثقيلٌ وجم..!!

أرجوك ياهيثم.. لاتفعل مثلي.. لاتكبر أكثر..

أرجوك ياهيثم..

حاول مااستطعت..

أن تموت..

**

صدقني ياصغيري.. ستشعر أحياناً.. أن بإمكانك أن تختفي..؛ لكن الذين تقابلهم في هذا اليوم.. يمثلونك بطريقة ما..!! وكيف تختفي إذن.. اذا كان كل ماحولك.. يكون بطريقة ما.. انعكاس لك..! ولو ليس الآن.. ولكن في وقت ما.. من الذكريات.. أو المستقبل..!!

لاتقل أني لم أخبرك..

ستكبر ياهيثم.. وسوف تصبح كل من حولك..! حتى الذين مروا بك صدفة.. دون أن تلمح وجوههم..!! عليك أن تكون مستعداً لذلك ياصغيري..

ربما ليس الآن ياهيثم.. لكنه سيكون من الواضح عندما تكبر.. أنك لن تريد تصديق هذه الفكرة..!! سترفضها عمداً.. لأنك سوف تريد حتماً.. أن تشعر.. أنك الحالة الاستثنائية من الرجال.. الذين لايشبههم أحد.. وسوف يكون عليك تصديق ذلك.. وليذهب كل هراء آخر.. إلى الجحيم.. وسوف تحاسب نفسك.. على ماأنت عليه الآن.. وسوف تتبدل في كل وقت.. لتسحق فكرة الائتلاف تلك..!! وسوف تتعاطى الحزن.. وسوف تمارس القلق.. وسوف تضاجع نفسك.. تحلم.. تطير من الفرح.. تتمزق من اليأس.. سوف تكون تافهاً ياهيثم.. أو عملاقاً.. أو صاحب مبدأ.. أو حبة بطاطا.. أو ملعقة.. وسوف تصاب بالجنون ياهيثم… حتى وإن كنت لاتستحق….

سوف تصبح مجنوناً..

يتأرجح الطفل بداخلك.. فوق الطين والماء..

ويرى الرجل الكبير..

في حبل تلك الأرجوحة..

مشروع انتحار..!!

**

مشاركة

5 1 صوت
تقييمات المقال
اشتراك
نبّهني عن
guest
2 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
تقييمات مضمنة
عرض كل التعليقات
يحيى
يحيى
3 years ago

كبرت أنا وهذا الطفل لم يكبر..

جميل جداً .. من عيون مدونات جبنة هذا المقال..
أحسنت.

وكُتب في جَبَنَة أيضا

بلا هوية

تأملت والدته أن يكون عوضًا عن أخيه الذي مات، طمأنها والده حين ولادته أنه روح أخيه بعثت فيه وتشكلت في عينيه وأنفه الصغيرة، في طفولته، كان لا يختلط مع أحد، وجلَّ وقته بمفرده، كانوا يطلقون النكات عليه وأنه شبيه لأمن في هدوئها ، في الفصل، كانوا لا يسمعون صوته إلا حين يُسأل سؤالًا يعجزون عنه أقرانه من الأطفال، شيدوا له  أن ذكاءه يعود لوالده لأن العرق دساس، كبر وكبر معه والده، في عزائه، بصم الأهل والأقارب، أنه لا يختلف عن والده عدى بالنظارة التي يرتديها، من حينها وفي الجمعات والمناسبات هو أبو أبيه، لم يناده أحد باسمه، في شيخوخته، وجميع أبنائه وأبنائهم الذين يحملون اسماءهم، أخبروه أنه يشبه صوره والده المعلقة بالحائط بشكل لايصدق، ولكنه، هو وحده، مصدقًا، أنه يشبه كل شيء إلا نفسه.

هل أنت جاهز للنشر ؟

نرحب في جبنة بالكتاب المبدعين.. فقط اترك ايميلك وسيتم التواصل معك قريبا بإذن الله 

لقاءات حية
تدوين
رسائل مرئية
تجارب
لقاءات حية
تدوين
رسائل مرئية
تجارب

- جميع الحقوق محفوطة لمبادرة متكأ 2021©