تعتقد أنك تعرف ماتريد ثم ماتلبث أن تريك الحياة بمواقفها ومنعطفاتها المتكررة والمتسارعة أنك مرتبك ومتردد حيال ماتريد حقًا!
تسير من درب إلى درب ومن رحلة إلى أخرى وفي كل مرة تظن أنك أصبت الوجهة وبلغت المقصد وهيأت نفسك للمقام، تأتيك فكرة أو خاطرة تبدأ صغيرة وتنتهي بتحديد وجهة أخرى..!
أتأمل كثيرًا في طواقم الطيران وهم يجرون تلك الحقائب السوداء الجلدية الفاخرة ويعتمرون القبعات الأنيقة وترى المضيفات بكامل الأناقة والترتيب والناس ترمق الطاقم وفي كل مرة يتمنون لو كانوا مكان أحدهم ويغبطونهم على المظاهر والهيئات التي يبدون عليها وعلى الوظيفة ذات البرستيج الرائع. حالنا في هذه الحياة كحال طاقم الطائره يظن الناس أننا أسعد الناس وأن الوظائف والمناصب والشهادات التي حزناها هي ما يجعلنا ما نحن عليه غير أن لكل منا تطلع لم يصل له ربما حازه أحدهم.. الوجهات كثيره والسفر مستمر والطاقم في سفر متواصل حتى أن ما يعتبر لنا غير مألوف هو روتين لهم ولكن لو نظرنا لما هو مألوف لدينا كلقاء مستمر بالأهل والأقارب أو الوجود مع العائلة لوجدنا أنه غاية المنى وأعظم لحظة يودها أحد طاقم الطيران أن تحين إجازته السنوية ليستطيع الاستمتاع مع الأهل والأقارب ويردم فجوة العلاقة التي صنعها السفر الدائم.
كذلك حالنا مع رغباتنا وتطلعات أنفسنا نرنو لما يتميز به الآخرين ونكد أنفسنا حتى نحققه وربما زدنا عليه لنجد بعد اللذة اللحظية للوصول أن الأمر أصبح مألوفًا وأن ما كان مميزاً أضحى عادياً.
فهم الحياة على أنها رحلة يجب الاستمتاع بها بحلاوتها ومرارتها بصعوباتها ولحظاتها المبهرة هو جوهر الأمر، تقبل الذات بقدراتها وامكاناتها يصنع فارقًا فحين تتصالح مع ذاتك تزيد متعة الرحلة، التعرجات والعقبات هو ما يكسر ألفة الشيء ليصنع فينا الشغف والرغبة بالوصول لقمة جديدة.
البوصلة تشير إلى السير للأمام ولا مجال للرجوع إلى الوراء ومجال البوصلة القدرة والرغبة والسير المستمر هو الأسلوب المستمر..
كونوا كما تحبون دائمًا وواصلوا السير فالوجهة حيث تسيرون لا حيث يسير الآخرون.