من مدَّةٍ وجيزةٍ كنت أفكرُ في تلك الحروفِ الهجائيةِ التي تعلمتُها وعانيتُ في كتابتِها، وأتذكرُ أن المعلمةَ كانت تعلمُني الطريقةَ الصحيحةَ لكتابتِها لكنَّها لم تخبرني يومًا أن هذه الحروفَ ستأتي على شكلِ دفءٍ وسلامٍ وأنسٍ وسكينةٍ، وأنها ستكونُ العناقَ الأقربَ والأحب إلى صدري، لكنني عرفتُ هذه المعلومةَ عن طريقِ مشاعري وعرفتُ أيضًا أن الأحاسيسَ مدرسةٌ لا ينبغي لنا التخرجَ فيها ، هي دراسةٌ مُستمرةٌ ودائمةٌ حتى الموتِ ، ففي كل ساعةٍ نتعلمُ منها أمرًا مُختلفًا وصورًا جديدةً ، ونستخرج منها قوةً وعزيمة، وغير الأحرفِ تعلمتُ من الساعةَ ؛ فهناكَ إبرٌ بداخلِ الساعةِ منها ما يُشير إلى الساعاتِ ، ومنها ما يشير إلى الدقائقِ ، وهاتان هما الرئيستان، وأما الإضافيةُ فإنها تشيرُ إلى الثواني، لكنني لم أتعلمْ أنَّ تلك الإبرَ ستجرحُني وتؤذيني وتكسرُني في يومٍ ما.. ظننتُ أنها مجردُ ساعاتٍ تمضي وتأتي بعدها ساعاتٌ دون أدنى حدثٍ مؤلم!
وعرفتُ الآن أن خلفَ هذه الإبرِ أحداثًا موجعةً أولُها وأقساها (الانتظار..) انتظارُ العودةِ لمسافرٍ قد اشتاق قلبُكَ لرؤيتِه، وترقُّبُ رسالةٍ هي عاملُ الطُّمَأْنينةِ بالنسبةِ لك. الانتظارُ أمام غرفةِ العملياتِ. وانتظار وظيفةٍ تسدُّ حاجتَك.. هي مشاعرٌ صلبةٌ وبائسةٌ وغليظةٌ وشرِسةٌ ، ولكن عندما يتخلُّلها الصَّبرُ يأتي الأجرُ والجبر.
لماذا على البالغين قراءة أدب اليافعين؟
البعض قد يرى عنوان المقالة غايةً في السذاجة، ولكن بالفعل قراءة أدب اليافعين او الأطفال مفيد جدًا لفكر البالغين!.. في بعض الأحيان يحتاج المرء إلى