مِلء كُل شيء |5

مِلء كُل شيء |5

فاطمة محمد

أكتب لأنني بلا سند بعد أن مات أبي
وبلا حُضن بعد أن كبُرت أمي

أكتب لأنني بلا دراجة بعد أن كسرتها ابنة جاري ، وبلا عصفور بعد أن مات في نفس هذا الوقت من العام الماضي ، وبلا كتاب أعيد قراءته بعد أن أهديت مكتبتي

أكتب لأنني مازلت أرى :
قبر أبي وجدي وجدتي وخلود والخالة التي كانت تعيدني إلى المنزل عندما أمرض في المدرسة .. والكثير الذين أرى قبورهم بصدري

أكتب لأن قلبي الكبير لم يعد يحتمل إلا لبساطتي وفرحي وما دون ذلك أرميه على أوراقي

أكتب لأنك .. و لأنكِ .. ولأنكم .. بعيدون كل البعد عني لأنكم ما عدتم أنتم بالنسبة لي ..

أكتب لأنني ما عدتُ أني ..
ما عدتُ أسمع صوتي ..

ابعثر كل حروفي وكلماتي وعيوبي وضحكاتي وأفراحي وحماقاتي على أمل أن أنسى:

أن انساكم
او انسى حبكم
او محاسنكم
او سيئاتكم
او طريقة رحيلكم
أو توقيت موتكم

أن انسى شيئا واحدا على الأقل يتعلق بكم … لكنني أفشل , وأعيد الكرَة مره ومرتين وعشرين , دون أن يتحقق ما أريد ودون أن أتوب

أكتب لأنني بلا دمع بعد أن فاضت أوديتي
وبلا قرار بعد أن أفلتُ كل الأمور من يدي

أكتب لأنني قد تربعت على
” مكاتبي مشاريعي أعمالي مبادراتي “
التي تسلل الفشل إلى أغلبها ..

وها أنا الآن اتربع على عيادتي وأن كان الفشل في طريقة إليها فصدقوني أنها ليست محل فخري .. !

فخري الوحيد هو :
أنني خلال تربعي قد رأيت ما رأيت ..
المنجزين المنحطين
المفكرين المتسللين
الأغبياء الواثقين
الأذكياء المترددين
والجميلين الفارغين
و القبيحين المغلفين
والمراقبين عن بعد دون حراك ! هل هم محبين أم كارهين ؟ لا أعلم
.
.
.

” طابت أوقاتكم أيها الجمع المتنامي أمامي , هل تروني بوضوح كما أراكم أنا ؟ “

أيها الجمع أقول لكم باختصار استهتاري و أنا سيدة الاستهتار أحيانا :
أن كنتم تعرفونني بناءا على كلماتي وكتاباتي ومحاولاتي ولباقتي فأنتم تجهلونني حقا .

مشاركة

4.6 11 أصوات
تقييمات المقال
اشتراك
نبّهني عن
guest
2 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
تقييمات مضمنة
عرض كل التعليقات
جمانه
جمانه
3 years ago

كلماتك لها وقع مؤثر ودائما تلامس مشاعر معينه فينا
ايضا [ أنا سيدة الاستهتار أحيانا ] اعتقد دليل على ثقتك أو عدم اهتمامك لاحكام الناس

انتي كاتبة مثقفه واتوقع لو تجربين كتابة الرواية راح تكون حريقة
فين ممكن نحصل بقية بارتات , ملء كل شيء

وكُتب في جَبَنَة أيضا

بلا هوية

تأملت والدته أن يكون عوضًا عن أخيه الذي مات، طمأنها والده حين ولادته أنه روح أخيه بعثت فيه وتشكلت في عينيه وأنفه الصغيرة، في طفولته، كان لا يختلط مع أحد، وجلَّ وقته بمفرده، كانوا يطلقون النكات عليه وأنه شبيه لأمن في هدوئها ، في الفصل، كانوا لا يسمعون صوته إلا حين يُسأل سؤالًا يعجزون عنه أقرانه من الأطفال، شيدوا له  أن ذكاءه يعود لوالده لأن العرق دساس، كبر وكبر معه والده، في عزائه، بصم الأهل والأقارب، أنه لا يختلف عن والده عدى بالنظارة التي يرتديها، من حينها وفي الجمعات والمناسبات هو أبو أبيه، لم يناده أحد باسمه، في شيخوخته، وجميع أبنائه وأبنائهم الذين يحملون اسماءهم، أخبروه أنه يشبه صوره والده المعلقة بالحائط بشكل لايصدق، ولكنه، هو وحده، مصدقًا، أنه يشبه كل شيء إلا نفسه.

هل أنت جاهز للنشر ؟

نرحب في جبنة بالكتاب المبدعين.. فقط اترك ايميلك وسيتم التواصل معك قريبا بإذن الله 

لقاءات حية
تدوين
رسائل مرئية
تجارب
لقاءات حية
تدوين
رسائل مرئية
تجارب

- جميع الحقوق محفوطة لمبادرة متكأ 2021©