تعرفون ما الذي خطر في بالي عندما كتبت لكم ذلك الإقرار البائس ( لا شيء يبقى للأبد ) ؟
خطرت قصيدتي التي برعت في إخفاءها أياما طويلة .. ليس لشيء و إنما لأن القصائد تعيش
حياة خاصة و مستقلة و لا يليق بها إلا الاختباء .. كُنت أتساءل في مطلعها :
أودع الخـل أم استقبل الجمـرا أم أترك القلب للأوهام منتظرا
هل أرسل الدمع للقرطاس يشربهُ الحبُ ذنبا و لن يلقـاه مـغتفرا
وهنا تأتي الإجابة ” الحبُ ذنبا ولن يلقاه مغتفرا “
إنها الإجابة الأبدية والحقيقة الثابتة و الواقع الإلزامي لقد كان سؤالي في القصيدة ليس سؤالاً
وإنما إقراراً شئت أن أضعه بين أيديكم على هيئة شعرية يا سادة ..
فلتواصلوا قراءة سلسلة إقراراتي هذه و الحق أنني لا أخشى إدانتكم ؛ فلقد قلت لكم أنني وحتى
هذه اللحظة لستُ بكاتبة , فكيف عساي أن أكون شاعرة ؟!
فإن زعمتم أنني متلاعبة أو أنصاف كاتبة أو بقايا شاعرة او ظل امرأة أو فتاة تُجيد السياق فقط ..
أو لست هذه ولا تلك بل أشدُّ تغطرسا .. فلتقولوا ما شئتم فأنا أعرف نفسي جيدا ومع هذا لم أستطع
حصرها بين شيئين اثنين و لا حتى وصفها بشيء واحد فقط .. ولا حتى معرفة من أكون .. أنا هنا فقط ..
أنا أكتب هنا ليس من أجل أمر اجتماعي و لا أدبي و إنما من أجل أمر شخصي ..
إن احتفاظي بهدوئي أمامكم و أمامهم و أمام عائلتي و أمام الحياة بعمومها أمر غير هيّن ..
فأنا هنا : لأخفف من وطأة حزني ولأقول ولو نصف الحقيقة ولأكتب عن أشياء كاذبة
.. ومع هذا لا أريد ذكري ضمن الجيدين وبالطبع لا أريد ذكري ضمن السيئين أيضا فلكل
منهما تبعات أخرى أكثرَ سوءاً .
أيها السادة : إنني لست إلا امرأة بسيطة للغاية تود ذكرها بكل تقدير .
لقد شارفت على الإنتهاء لكن وطأة فخري الضبابي بنفسي قد بلغ أشدّه إلى حد تذكري كلمات
قد قيلت لي : ( إنكِ مبهرة يا فاطمة وسيكون لكِ مستقبل مبهر بيننا ) .
-شكرتهم ثم قلت : كوني مبهرة فهذا أعرفه و أعرف أن البعض مقتنعين به والبعض في طريقهم
إلى ذلك والبعض لا أستطيع رؤية وجووههم بوضوح لأن هناك أيادي حجبت أفواههم , أما مستقبلي
المبهر بينكم فهذا ما أشك فيه حقا بسبب تفاهة هذه المنظومة بأكملها .
ثم أدركنا جميعا بعد هذه اللحظة أن عداوتنا قد أُخِذَت حرفيا على محمل الجد .
لم يتوقف الأمر على كونها منظومة فحسب و إنما أيضا على شيء لم أكن أعلمه , شيئا لم يكن
ليتضح لي لولا أنني ارتفعت فشاهدت بوضوح أن هناك غش إنساني وتلون ذاتي وتصنع باهت
ومثالية مقرفة وقد بدأ هذا أكثر ألما و ازعاجا لي .
ثم رحلت عنهم – إنني لفي غنى عن هذه القلوب وهذه الأماكن وهذه الحياة المزيفة …