و الآن ..
وبعد أن وصلت بكم الأمور إلى هنا وأصبحتم ” كربطة صغيرة في الحذاء “
جئت لأشاهد أثر ذلك عليكم .. أثر ما فعلتموه بالمعروف .. فهل جئت شامتة ؟
بالطبع نعم !
لقد أسعدني جدا معرفة أنكم رحلتم في الاتجاه الخاطئ ..
إنني أقيس بمتعة شديدة كم من الوقت ستستغرقونه في السير بهذا الاتجاه الذي
سيعيدكم إلى حيثُ انطلقتم من مركز ( نقطتي ) .
“خمس سنوات تحتاجونها من أجل الرجوع إليّ وربما أكثر .. فالأمر في النهاية
مسألة وقت “
ولعلكم تعرفون أنني في ذلك الحين لن أمنحكم فرصة التحدث معي ولا رؤيتي
ولا حتى رؤية كلبي الصغير الذي اشتريته من عامل المزرعة بأضعاف قيمتكم ..
لقد اخطأتم التقدير .. تقدير قيمتي وتقدير أصالتي , إنها آثار بطانتي الطيبة وتعاملي
البريء لكن ؛ اكثر ما شد انتباهي ليس كيانكم المهزوز بل هي هويتكم المطموسة
أمام هذا الكيان ..
إنني اعرف خيرا منكم أن الحياة ليست إلا مهزلة ديون في ديون و أن الأشخاص
أمثالكم مقدر لهم العيش بملء إرادتهم تحت وطأت الانطماس إلى أقصى الحدود ,
وأن ضفادع المستنقعات لا تستطيع أن تعيش في البحار العميقة , و أن أصحاب
السمعة السيئة لن يموت ماضيهم بمجرد رحيلهم إلى بلدة أخرى , وأن حب المال
وأصحابه يُدمغ جبين الشرف والكرامة , وأن من يحاول نيل اعجاب الاخرين لن
ينال إلا ضحكهم , ومن تجدون أنفسكم اقزام أمامهم لن يروقكم حضورهم ..
يالها من حقائق سيئة تصفكم ولكن : الشيء الأسوأ ليس انتمائكم لبعضها أو لكلها
بل هو محاولة تجاهلكم لحقيقتكم ولماضيكم .
هل أكف عن الشماتة وأكتب لكم نصيحة ؛ لأنتقل من كوني فتاة شامته إلى فتاه شامته
وناصحه في الآن ذاته ” فأنا لا اكرهكم و انما اكره المذلة التي تجعل من الحياة نصف
حياة ومن الانسان نصف إنسان .. فإذا كنتم عاجزين عن تغيير ماضيكم .. فلتغيروا
حاضركم على الأقل ولتحيوا شُرفاءً و أحرارًا في ما تبقى من حياتكم ” .