بالطبع فأنتم تتساءلون الآن عن تلك القصيدة التي ذكرتها في مقالي السابق ” مِلء كُل شيء | 13 “
إنها قصيدة قديمة تتحدث عن الأصدقاء الذين قضوا على العشرة الجميلة و كأنهم في سباق مع اللؤُم
من يقتل العَشَم أولا ؟!
إنني رافعة يدي وفاتحة كل أصابعي إشارة مني بأنني لا أملك أي شيء لافعله تجاههم
” فاذا لم تكن دورة الحياة هي من ستأخذ حقنا منهم فلا بد أن الله هو الذي سيأخذه ” .
لا بأس إذن .. فها أنتم تشعرون بإبتسامتي وها أنا أطرح بين أيديكم بيتا أخير يتبع لتلك القصيدة
نفسها .. لأطمئنكم القول : بأن الخير هو من ينتصر أخيرا .. وأن الذين هجرونا ستأتيهم فاجعة
تعيدهم إلى دائرتنا وحينها النتيجة الحاسمة ستكون من طرفنا .. وعندها تذكروا لي هذا البيت :
في قلبنا الله إن هاجرتمُ طمعا لا تحسبن المال طول العمر مشتهرا
******
سأكون أوفر الناس حظا لو تذكرتم ابياتي أو تداولتم بعضا من كلماتي ..
وسيكون الزمن في هذه اللحظة مميزا وواضحا بالنسبة لي ..
وسأنتقل من مرحلة شعرية إلى أخرى ..
وسأنظر إلى الأسفل بطرف عين ..
وسأتخيل جموع ممتلئة بالأحداث ..
وسأشعر بأكثر من ذلك لو أن أحدهم فقط ذكرني في الخطأ قبل الصواب ..
و أشعر أيضا بيقين قاطع بأنه لن يحدث أيّاً من ذلك على الإطلاق
لا في ضآلة حياتي ولا في ضآلة موتي ” إنه اليقين منقطع النظير ” .
أيها الرفاق إن ما يقلقني وينتقص مني فرحتي ليس عدم ذكري ,..
ما يقلقني هو النسيان السريع ..
النسيان الذي أراه يتنامى بيننا ..
إننا ننسى أسرع مما نستغرقه في الوصول
أسرع من هدهد سليمان الذي جاء من سبأ
أسرع من طفل كسر لُعبته قبل أن يلعبها
أسرع من فتات الخبز الذي تلتقطه النمل قبل وصوله إلى الأرض
ننسى بقسوة السماء التي نسيت خسوف قمرها وتباهت بالنجوم
وبنكران الماء الذي نسي أن الدمع منه مثله مثل الندى
وبغرور الألوان التي نسيت أن الأبيض هو توأم اخوهم الأسود
ما يقلقني أيضا ليس النسيان الذي يتنامى بيننا فحسب ..
بل حتى النسيان الذي أراه يتنامى بيني وبيني .. فأضطر لتسألني
كل مرة عن نفسي .. من أكون .. ماذا أصبحت .. ماذا كنت أصلا .. من أنا؟
فأجيب في سري :
(أنا مروحة السقف التي نسيها الجميع .. وحدهم الأطفال من يتذكرونها ويدورون تحتها)..
( أنا العجوز التي توقفت عن خياطة ثوبها بحثا عن نظارتها وهي ترتديها ) ..
( أنا جزء النص المفقود من الرسائل النصية القديمة ) ..
( أنا المرأة التي تنسى فستانها الذي ارتدته حتى لا تفكر في ارتدائه مرة أخرى ) ..
( أنا الوسيلة المحايدة التي لا تخضع للمنح أو المنع ) ..
( أنا “ربما” التي تبذل مجهودات عظيمة لحمل احتمالات كثيرة لكي لا تكون نعم أو لا تكون لا ) ..
( أنا الشرطة – التي يصعب الاستئناف بعدها كما تفعل الفاصلة ويصعب التوقف عندها كما تفعل النقطة )..
( أنا شرطة المنتصف لا البداية ولا النهاية ) ..
( أنا الفشل الصادق لا النجاح الكاذب ) ..
( أنا .. في البدء كنت فاطمة .. والآن أنا فاطمة وجميلة ومروة وبشرى وحصة وليلى وخلود وروان ..
أنا كل الأسماء إلا جوهرة أو درة ) ..
فمن أنتم ؟ .. تحدثوا حتى أراكم !
تصحيح
*لأطمنكم القول ..
* فأضطر لأسألني ..