أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنّا
يا شعلة طافت خواطرنا حواليها وطفنا
آنست فيك قداسة ولمست إشراقا وفنّا
هذه الأبيات للشاعر السوداني إدريس جمّاع وهي وإن كانت من باب الغزل إلا أنها بعيدة المرمى ، كثيرة المغزى ، فهي تصف حالة عاطفية يعيشها الشاعر ترجمها في هذه الأبيات .. وهي تحتمل أبعد من هذا ، فهي وصف للنفس البشرية التي من طبيعتها أن تعيش وفق ما تهتم له تفكيراً وعملاً وبذلاً ، وكلما حلّق فكر الإنسان واتّضحت رؤيته كان أكثر استقرارا وطمأنينة ، إذ مساره في تشعبات الحياة واضح المسلك .. فأن تكون سامي الفكر بعيد الهمّة فهذا يعني أن تعطي على قدر همّتك وتبذل على قدر ما تأخذ ، إذ الحياة أخذ وعطاء ..
فالطامحون يعرفون ما يريدون ، يعيشون لأهدافهم ويعيشون بها وستعيش بعدهم ، تعطيهم الحياة خامها فيخرجون منها لوحة فنّية تسلب عيون الناظرين ، أو ينشدون شعراً يطرب له السامعون ، أو يبدعون عملا يحار في حسنه وجماله المتأمّلون ، أو يخرجون لنا متكأ ـ جَبَنَة – … فيقف الجميع لهم شاكرين .